تقرير – سحر هجام
تحل اليوم 5يوليو ذكرى رحيل الكوميديان الرائع عبدالسلام النابلسي، الذي ولد عام 1899في لبنان، بعد حياة حافلة بالفن، إذ كان صاحب بصمة قوية لا يشبه أحد، وتمكن من تخليد ذكراه في وجدان الأجيال إلى الأبد بطريقته وأسلوبه المميزين وفنه العابر للزمن.
تميز الفنان بخفة الظل، وقد نجح في تقديم شخصية الأرستقراطي المفلس، أدى أدوار السنيد وصديق البطل، يعتبر من أشهر فناني الكوميديا الذين ساعدوا على نجاح العديد من الأفلام، وتعاون فنيًا مع العديد من رموز الفن العربي في روائع الأعمال.
المولد والنشأة
ولد عبدالسلام النابلسي في شمال طرابلس اللبنانية عام 1899، إلا أن أصوله تعود إلى مدينة نابلس الفلسطينية، حيث كان جده قاضي نابلس الأول ومن بعده والده، وأرسله والده إلى مصر للدراسة في الأزهر، إذ تمكن من حفظ القرآن الكريم، وأتقن اللغة العربية بالإضافة إلى اللغتين الفرنسية والإنجليزية.
بدأ حياته العملية كصحفي وشاعرًا وعمل في أكثر من مجلة مثل “مصر الجديدة، والصباح”، إذ سنحت له الفرصة للعمل بالفن، حيث شارك في فيلم “غادة الصحراء”، ثم ظهر في فيلم “وخز الضمير” عام 1931، كما عمل أيضًا “مساعد مخرج” في مجال الإخراج مع الفنان يوسف وهبي، ولكنه جعل التمثيل مهنته الأساسية عام 1947.
أسلوبه الفني والألقاب
لقب بالعديد من الألقاب منها “حسب الله الـ16 في فيلم شارع الحب، وزيزو حلاق السيدات، والأستاذ رشيق في الحموات الفاتنات، وعدنان في إزاي أنساك، والصول بخير في البوليس السري، وعزيز معزوز في فيلم السبع بنات”، وغيرها من الألقاب، كما لقبته الصحافة الفنية بالأرستقراطي المفلس، والفنان المثقف.
كما أطلق الفنان على نفسه عددًا من الألقاب المستوحاة من نسب عائلته فأصبح “الكونت دى نابلور، كونت نابلي، أوف روشة نسبة إلى حي روشة بلبنان”، كما تميز الفنان بأسلوبه الكوميدي الراقي، الذي مزج الأناقة بالمبالغة الطريفة، إذ ظهر بشخصيات تشبه شخصيته الحقيقية، التي تمزج بين الطيبة ومحاولة إظهار الأرستقراطية والاستعلاء.
بداياته الفنية
انطلقت مسيرته الفنية عندما ذهب عبد السلام النابلسي لإجراء حوار مع المنتجة آسيا، فلفتت طريقته في الحوار انتباهها، ومنحته دورًا صغيرًا في فيلم “غادة الصحراء”، ومنه اختاره صديقه المخرج أحمد جلال فى دور صغير بفيلم “ليلى”.
فانبهرت بفنه عزيزة أمير التي أرسلته على نفقتها إلى باريس لدراسة الإخراج السينمائي، وعاد ليطل على الجمهور بدور شرير في فيلم “وخز الضمير”، ثم اتجه إلى الأفلام الاستعراضية في الأربعينيات، فقدم أدوار الشاب الأرستقراطى.
أفلامه ودور البطولة
تعددت أفلام “النابلسي” فى السينما لكنها جميعًا كانت أدوارًا ثانوية منها “فيلم العزيمة، ليلى بنت الريف، الطريق المستقيم، حبيب حياتي، عريس مراتي، الفانوس السحري، حكاية حب، تعالى سلم، ازاي أنساك، عفريتة هانم، لحن حبي، عهد الهوى، بين السماء والأرض”.
كما يعد أشهر أدواره كان في فيلم “شارع الحب” مع عبد الحليم حافظ حيث قدم شخصية “حسب الله السادس عشر”، وفى دور مدرب الرقص فى فيلم “علموني الحب”، وجميع هذه الأدوار لم يخرج فيها عن دور سنيد البطل أو صديقه، إلا أن الفيلم الوحيد الذي قام فيه بدور البطولة مع إسماعيل يس في فيلم “حلاق السيدات”.
فيلم حلاق السيدات
يعتبر هذا الفيلم الوحيد الذي تقاسم فيه الفنان دور البطولة مع إسماعيل يس، تم إنتاجه عام 1960 ويعد من تأليف أبو السعود الإبياري، ومن إخراج فطين عبدالوهاب وهو فيلم مصري، وبطولة كلًا من ” إسماعيل يس، عبدالسلام النابلسي، كريمة، زينات صدقي، ليلى كريم، عبدالغني النجدي، ممدوح شكري، محمود لطفي، سمر عطية، جمالات زايد، خيرية أحمد، إستفان روستي”
تدور أحداث الفيلم حول ثلاث أصدقاء يقرر واحد منهم أن يطور محل أبيه للحلاقةوقسما ثلاث أقسام واحد للرجال والثاني للسيدات والثالث للحيوانات، وتكون أولزبونة هي خادمة وحدثت سيدتها عنه، وبعد ذلك تزوجت من سيدة ثرية، وذلك لكي ينتقم من زوجها السابق الذي تركها.
فيلم قاضي الغرام
يعد من إخراج حسن الصيفي، ومن تأليف أبوالسعود الإبياري، وبطولة كلًا من “نادية لطفي، وحسن يوسف، ولبلبة، وميمي شكيب، وعدلي كاسب، وزينات صدقي، وعبدالسلام النابلسي، ومحمود فرج، وفهمي أمان”، وغيرهم.
تدور أحداث الفيلم حول مدحت صحفي شاب يرد على رسائل القراء والقارئات، ويحل لهم مشاكل في باب قاضي الغرام، يحاول زميله صبري أن يعرف أسرار القارئات من أجل اصطياد الفتيات، لكن مدحت يقف له بالمرصاد، ويقع مدحت في مشكلة عاطفية مع منى إحدى صاحبات الرسائل، التي تشغله بخطاباتها، ثم تطلب مقابلته.
حياته الشخصية والصعوبات
ظل عبد السلام النابلسي متمتعًا بلقب أشهر أعزب في الوسط الفنى حتى وصل إلى الستين من عمره، وكان يقول دائمًا: “أنا صحيح زهقت من الوحدة لكن لسه ماخطبتش، أنا في فترة النقاهة من الوحدة”
كما أضاف: “وأنا عايز عروسة جميلة وأنثى، وأول شروط الأنوثة الاعتراف برجولة الرجل، ولا يوجد واحدة اتخلقت تنفع تتجوزني”، ثم تزوج من إحدى معجباته في بيروت وتدعى “جورجيت سبات”.
واجه “النابلسي” أزمة مالية بعدما ازدادت مشاكله مع الضرائب، والتي وصل مقدارها إلى 13 ألف جنيه في وقتها، وأخذ يرسل لمصلحة الضرائب حوالة شهرية بمبلغ20 جنيهًا فقط، الأمر الذي يعني أن تسديد المبلغ المستحق عليه سيستغرق 37 عامًا.
وهو ما اعتبرته مصلحة الضرائب دليلًا على عدم جديته في السداد فقررت بعد رحيله إلى لبنان الحجر على أثاث شقته المستأجرة في الزمالك، والتي لم تكن بقيمة المبلغ المطلوب، وظلت القضية معلقة رغم تدخل العديد من رموز الفن في مصر على رأسهم كوكب الشرق “أم كلثوم”.
وفاتة
رحل عن عالمنا في5 يوليو 1968، حيث أصيب بأمراض القلب والاكتئاب، وتعمد إخفاء حقيقة مرضه عن محيطيه حتى عن أقرب الناس له، حتى لايتهرب منه المخرجون والمنتجون ويبعدوه عن أفلامهم، كما ازدادت حالته الصحية سوءًا بعد أن أعلن بنك “انترا” في بيروت إفلاسه، والذي يعني إفلاس النابلسي هو الآخر لأنه كان يضع كل أمواله في هذا البنك.
حيث قالت الفنانة صباح والتي كانت رفيقته إلى تونس لتصوير فيلم “رحلة السعادة”: “أنها كانت تسمع صوت تأوهات ألمه من الغرفة المجاورة بالفندق، رغم أنه كان حريصًا على أن يفتح صنابير المياه حتى لا يعلو صوت توجعاته، كما لم تجد زوجته مصاريف الجنازة فتولى صديقه الفنان فريد الأطرش جميع تكاليف الجنازة.