ولد النبي صل الله عليه وسلم في عام الفيل ٥٧١ م،والذى توجه فيه إبرهة الصباح الأشرم الحبشي بجيش إلى مكة ليهدم الكعبة،وكان رد عبدالمطلب جد النبي عليه واضحا “البيت له رب يحميه”،فأنزل الله قرأنا يتلي إلي يوم القيامة” ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل،ألم يجعل كيدهم في تضليل وأرسل عليهم طيرا أبابيل،ترميهم بحجارة من سجيل ،فجعلهم كعصف مأكول”،ورد الله كيد إبرهة .
وقد جاء نفر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا له: يا رسول الله، أخبرنا عن نفسك قال: أنا دعوة أبي إبراهيم، وبشرى أخى عيسى، ورأت أمي حين حملتْ بى، أنه خرج منها نور أضاء لها قصور الشام،واستُرضعتُ في بني سعد بن بكر، فَبَيْنَا أنا مع أخٍ لي خلف بيوتنا نرعى بَهْمًا (الصغار من الغنم) لنا، إذ أتاني رجلان عليهما ثياب بيض، بطَسْتٍ من ذهبٍ مملوءةٍ ثلجًا، ثم أخذاني فشقّا بطني، واستخرجا قلبي فشقَّاه، فاستخرجا منه علقةً سوداء فطرحاها، ثم غسلا قلبي وبطني بذلك الثلج حتى أنْقَياه، ثم قال أحدهما لصاحبه: زِنْه بعشرة من أُمَّتِه،فوزنني بهم فوَزَنْتُهم، ثم قال: زِنْه بمائة من أُمَّته،فوزنني بهم فوَزَنْتُهم،ثم قال: زِنْه بألف من أُمته. فوزنني بهم فوَزَنْتُهم. فقال: دعه عنك، فو الله لو وزنتهُ بأُمَّتِه لوَزَنها”.
وقد وصفت السيدة عائشة أخلاقه”كان خلقه القرآن”،وقد مدحه ربه فقال “وإنك لعلي خلق عظيم”،وقد قالت السيدة خديجة عنه”والله لا يخزيك الله أبدأ،إنك لتصل الرحم،وتحمل الكل،وتكسب المعدوم،وتقرئ الضيف،وتعين علي نوائب الدهر”.
ولقد فرح أبا لهب بمولد رسول الله،وقد أخرج الإمام البخارى فى صحيحه بسنده قَالَ عُرْوَةُ: وثُوَيْبَةُ مَوْلاَةٌ لأَبِي لَهَبٍ، وَكَانَ أَبُو لَهَبٍ أَعْتَقَهَا، فَأَرْضَعَتِ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَلَمَّا مَاتَ أَبُو لَهَبٍ أُرِيَهُ بَعْضُ أَهْلِهِ بِشَرِّ حِيبَةٍ ، قَالَ لَهُ: مَاذَا لَقِيتَ؟ قَالَ أَبُو لَهَبٍ: لَمْ أَلْقَ بَعْدَكُمْ غَيْرَ أَنِّي سُقِيتُ فِي هَذِهِ بِعَتَاقَتِي ثُوَيْبَةَ.
قال الحافظ الدمشقى :
إذا كان هذا كافرا جاء ذمه بتبت يداه فى الجحيم مخلدا
أتى أنه فى يوم الاثنين دائما يخفف عنه للسرور بأحمدا
فما الظن بالعبد الذى طول عمره بأحمد مسرورا ومات موحدا
ومن هنا نقول أن مولده صل الله عليه وسلم بدءاً لتغيير مجرى التاريخ ، وإصلاح الحياة ، وإيذاناً بهداية الإنسانية وإخراج العباد من الظلمات إلى النور .
خلقت مبرأ من كل عيب كأنك قد خلقت كما تشاء
ومن أعظم هذه المواقف : لما كان يوم أحد وأشيع مقتل النبي صلى الله عليه وسلم ، حتى كثرت الصوارخ في ناحية المدينة ، فخرجت امرأة من الأنصار فاستقبلت بخبر موت أبيها وابنها وزوجها وأخيها رضوان الله عليهم -، فكلما مرت على أحدهم قالت : من هذا ؟ قالوا أبوك .. أخوك .. زوجك .. ابنك .. وهي تقول : ما فعل برسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فيقولون : أمامك ! وهي تمضي – تركت الزوج والابن والأخ والأب – لم تقف ، ما زالت تمضي ، فلما رأت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أخذت بثوبه ثم قالت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله لا أبالي إذا سلمت من عطب .
وفي روايةٍ قالت: ما فعل رسول الله ؟ قال بخير يا أم فلان – هو بحمد الله كما تحبيه – قالت : أرونيه حتى أنظر إليه ، فأشير لها إليه، حتى إذا رأته قالت : كل مصيبةٍ بعدك جلل ، أي هينة .
ولنا العبرة في قصة الصحابى الذي أسره أهل مكة ثم خرجوا به ليصلبوه فقال له أبو سفيان – كان إذ ذاك على كفره : أتحب أن محمداً مكانك وأنت في أهلك وولدك ؟ أنت الذي اتبعت محمداً صلى الله عليه وسلم ، فجاءك هذا الموقف ، والآن ستصلب فهل تحب أن يكون محمد مكانك ، وأنت في أهلك وولدك ؟ فماذا كان الجواب ؟قال : والله ما أحب أن يشاك محمد صلى الله عليه وسلم بشوكةٍ وأنا آمن في أهلي وولدي ،فقال أبو سفيان : ما رأيت أحداً يحب أحداً كحب أصحاب محمدٍ محمداً – صلى الله عليه وسلم .
أسرت قريش مسلما في غزوة فمضي بلا وجل إلي السياف
سألوه هل يرضيك أنك سالم ولك النبي فدي من الإتلاف
قال كلا لا نجوت من الردي ويصاب أنف محمد برعاف
إن الإحتفال الحقيقي بميلاده يكون بالتأسي بحضرته في أقواله وأفعاله وأخلاقه مصداقا لقوله ” وإنك أعلى خلق عظيم”،وحبه حبا صادقا ينعكس علي أخلاقنا وتعاملاتنا اليومية،فلايليق بمسلم يحب النبي ويكيد المكائد لوطنه،أو يقتل أو يسرق،فرسالة الأسلام تدعوا لحب الوطن والمشاركة في خدمة وتنمية المجتمع،كما تدعوا لنبذ العنف والتطرف والأرهاب،ويتضح ذلك جليا لحظة خروج النبي من مكه قائلا”والله إنك لأحب بلاد الله إلي الله، وأحب البلاد إلي،ولولا أن قومك أخرجوني منك ما خرجت”
وصدق أحمد شوقى أمير الشعراء بقوله:
ولد الهدى فالكائنات ضياء وفم الزمان تبسمٌ وثناءٌ
الروح والملأ الملائك حوله. للدين والدنيا به بُشراءُ
وكل عام وأنتم بخير
حفظ الله مصر وشعبها وجيشها وأمنها من كل مكروه وسوء
وللحديث بقية،،