حكايات مأساوية من دفاتر محكمة الأسرة
* أم تضحى بشرف ابنتها ليستمر عش الزوجية
* أب يغتصب زوجة ابنه.. وآخر يغتصب شقيقة زوجته المعاقة
كتب : بشير حافظ
“الشرف غالى”.. زمان كانت تراق دماء وتزهق أرواح وتعلق مشانق وتحفر قبور ويضحى بالغالى والرخيص من أجل هاتين الكلمتين، لكن يبدو أن الأحوال تبدلت والآيات قلبت، وأصبح حامى العرض هو منتهكه، وبدلا من أن نسمع عن أب ضحى بنفسه للحفاظ على شرف ابنته أو أخ قتل مغتصب شقيقته، أصبحنا نرى أبا يغتال براءة ابنته بدعوى أنه لا يقدر على التحكم فى رغباته الجامحة، وأم تقدم ابنتها قربان لإرضاء زوجها، وعجوز يغتصب زوجة ابنه مستغلا غيابه.
“عيون الشرقية الآن” حاولت رصد عدد من حالات الطلاق والخلع بسبب “زنا المحارم” من واقع دفاتر محاكم الأسرة ليدق ناقوس الخطر لعل يتم الانتباه إلى هذه الظاهرة التى باتت تهدد تماسك الأسرة.
“أنا وابنى واحد”
“حمايا اغتصبنى”.. بهذه الكلمات استهلت ( ياسمين. أ) حكايتها من أمام مكتب تسوية المنازعات بمحكمة الأسرة :” حمايا اغتصبنى، وزوجى خذلني غض بصره عما فعله والده بجسدى الهزيل، والده الذى لا تزال آثار عبثه بى تترك بصماتها علىّ، واتهمنى بالكذب وطردنى فى منتصف الليل بعد أن لقننى علقة ساخنة عقابا لى عما قلته”.
تتذكر الزوجة تفاصيل الليلة المشئومة قائلة:” يوم الواقعة عاد حمايا إلى المنزل مبكرا، وأصر أن أسهر معه، ورغم تعبى طوال اليوم فى ترتيب البيت، لكنى رضخت لطلبه، وقمت بإعداد طعام العشاء، فغافلنى ووضع لى حبوبا منومة فى الشاي بعدها لم أشعر بنفسى إلا وأنا مستلقية إلى جواره على السرير عارية تماما.. كنت أشبه بطير مذبوح، هذا المشهد لم يغب عن بالى أبدا حتى الآن”.
ينتفض جسد الزوجة وتجهش بالبكاء متابعة سرد حكايتها :” ظللت فى مكانى، من هول الصدمة وفجأة أصبت بحالة بكاء هيستيرى ودوت صرخاتي فى أرجاء الغرفة…حاول إسكاتى وكتم أنفاسى خوفا من أن يسمعنا أحد، هددته بإخبار زوجى الذى هو ابنه فرد على بكل ثقة: عمره ما هيصدقك ده تربيتى ولو عرف مش هيزعل أنا وابنى واحد، سترت لحمى المنتهك، وانتظرت أن يعود زوجى لينصفنى، وأخبرته بما حدث وذكرته بشكوتى السابقة له من تحرش والده بى، ونظراته التى تنهش فى لحمى وتعرينى، لكنه ضربنى واتهمنى بالكذب وسوء السلوك، لملمت شرفى المهدر، وخرجت متجهة إلى بيت أهلى، وأنا فى حالة يرثى لها، ولكنى خفت أن أبوح لهم بما حدث لى”.
تتسارع أنفاس المرأة البائسة وبصوت تخنقه الدموع تقول:” صدمتى فى زوجى الذى تحملته رغم ضيق حاله ورضيت أن أعيش معه فى غرفة بمنزل ابيه وفقدت القدرة على النطق والحركة، ودخلت المستشفى للعلاج من آثار الانهيار العصبى الذى أصابنى بعد الواقعة، حاولت أن أتخلص من حياتى، وما لحق بى من عار، لكن يبدو أن الله أراد أن يمد فى عذابى، فقررت أن أرفع دعوى طلاق حتى أتخلص من هذا الرجل الظالم الذى خدعت فى رجولته وشهامته.”
تختتم الزوجة مأساتها قائلة:” لن أتنازل عن حقى، ولن أتصالح أو أسامح فى عرضي وإذا لم ينصفنى القضاء سأقتص لشرفى بيدى”.
” ضحت بشرف ابنتها لإرضاء زوجها”
” أنا مجرمة ولا أستحق أن أكون أم، تنازلت عن حق ابنتى ولم أقتص من أبيها الذى هتك عرضها خوفا من أن يتركنى وحيدة، فكرت فى نفسى وحياتى والثمن شرف ابنتى “.. بهذه الكلمات النادمة بدأت (ح.ر) ذات الـ40 عاما، والتى طرقت أبواب محكمة الأسرة لرفع دعوى خلع تتحرر بها من زواج دام 18 عاما، روت تفاصيل حكايتها المثيرة، وبصوت خافت وكأنها تتحدث لنفسها وتحاسبها قالت :” قلبى يعتصر كلما تذكرت أننى لم أطرد زوجى من بيتى إلا عندما طعننى فى شرفى واتهمنى بإقامة علاقات محرمة مع رجال عبر صفحتى على فيس بوك، بينما صمت وأغمضت عينى عندما اعترفت لى ابنتى بأن والدها قد اعتدى عليها ليلا وهى نائمة، اكتفيت بصفعه على وجهه نهارا، وبت بين أحضانه ليلا، أسامره وأداعبه وألقى على مسامعه عبارات الحب والهيام”.
تنتاب الأم الأربعينية حالة من البكاء الهستيرى وبصوت متهدج تكمل حساب نفسها :” لا أعرف أين كان عقلى عندما قبلت بالعودة له وقضيت معه عاما كاملا بعد فعلته وكيف استأمنته ثانيا على صغارى، ألم أخشَ أن يغتال براءتهم كما سبق وفعل، هل صدقت أن الباب المغلق عليهم بإحكام ليلا سيحميهم من رغبات والدهم الشاذة؟، وكيف طاوعنى لسانى وأنا أطلب من ابنتى أن تسامح والدها على ما فعله بها ولم أعبأ بحالتها النفسية التى كانت تتدهورت كلما رأت وجهه أمامها؟، وكيف كنت أعاشره على نفس السرير الذى اغتال عليه براءتها ولم أقتله ؟”.
ينتفض جسد الأم النادمة من هول ما تحمله فى صدرها من الآم، تتسارع أنفاسها فتجبرها على الصمت للحظات ثم تتابع ” فى كل مرة كنت أضعف وأتنازل لكن ما فعله بى أيقظنى من غيبوتى وجعلنى أصمم على الخلاص منه، حاولت أن أحصل على حريتى وديا، منعا للفضيحة خاصة أننا نعيش فى منطقة شعبية بالزقازيق يعشش الفقر والجهل فى بيوتها، لكنه رفض فلجأت إلى الخلع، ومجرد أن وصل إلى مسامعه خبر الدعوى، حاول أن ينتقم منى فوضع رقمى واسمى على أحد المواقع الإباحية التى اعتاد على مشاهدتها وممارسة الرذيلة مع نسائها، ليثبت صحة ادعائه ويسيئ إلى سمعتى، لم يكفه ما فعله بابنتى، اعترف أن عشقى له وضعفى أمامه حولنى إلى امرأة بلا هوية ولا ملامح أشبه بالمسخ، جعلنى أسامحه فى كل مرة أشاهده يخوننى على سريرى مع جارة لى أو صديقة أو قريبة أو عجوز شمطاء، وأصدق دموعه وتوبته الزائفة، وأعود للحياة معه وكأن شىء لم يقع، وأنزل أعمل إلى جواره بالمقهى الخاص به لأرفع عن كاهله ما يحمله من أثقال، كنت على استعداد أن ألقى بنفسى فى النار ليعيش معى سعيدا، لكنه لم يصن عشرتى لذلك لن أتركه يدمر حياتى وإن لم يبتعد عنى وعن أولادى سأقتله هذه المرة، ولن يهمنى “.
تسند الزوجة الأربعينية رأسها إلى جدار منتصب بجوارها وتغمض عينيها لتبدو وكأنها قد أزاحت للتو من على صدرها هم ثقيل ثم تختم حكايتها قائلة:” كل ما أتمناه أن تسامحنى ابنتى على جريمتى فى حقها، وأن يصدر الحكم فى دعوى النفقة فى أسرع وقت، لأسدد ديونى وأدفع مصروفات المدراس، فبعد أن طردت والدهم من البيت امتنع عن الإنفاق عليهم تماما واضطررت للعمل فى البيوت لأصرف عليهم، أنا اتبهدلت لكن أكرم لى من أعود لرجل مريض مثله، لا يوجد لكلمة الشرف مكانا فى قاموسه”.
” اغتصاب معاقة ذهنيا”
“زوجى اغتصب شقيقتى المعاقة ذهنيا” هكذا تحدثت (ن.م) ذات الـ33 ربيعا عن معاناتها من أمام محكمة الأسرة ل” عيون الشرقية الآن” ، وبصوت تتلون نبراته بالحسرة والمرار تكمل رواية تفاصيل مأساتها :”تزوجته بطريق تقليدية، كان يكبرنى بـ 30 عاما ومتزوج بأخرى وعمر أصغر أولاده فى مثل عمرى تقريبا، لكننى قبلت به، فقد كان بالنسبة لى طوق نجاة من الطامعين فى جسدى، فالمطلقة مثلى لحمها مباح فى نظر أمثالهم من فاقدى النخوة والضمير، حسبت أنه سيكون أبا صالحا لابنى من زيجتى الأولى، بعد أن ضاق أهله بتربيته وبمكوثى أنا وهو فى بيتهم، رغم أننى لم أكلفهم مليما واحدا منذ أن احتميت بهم من طليقى المدمن، أوهمت نفسى بصدق كلمات “عريس الغفلة” عن زوجته النكدية، سالبته حقوقه الشرعية، المتمردة على رجلها الوفى المخلص، وبالفعل تمت مراسم الزفاف فى أشهر معدودة، ورضيت أن أعيش مع ضرتى فى بيت واحد، وفى ليلة الدخلة سقط القناع عن زوجى العجوز وظهر وجهه القبيح، لاكتشف السبب الحقيقى وراء زواجه بى، ليلتها اعترف لى أنه يعشق ممارسة العلاقات الشاذة، وأنه تزوج للمرة الثانية لأن زوجته دائما ما ترفض ممارساته ومعاشرته، هبطت عباراته على كالصاعقة، ورفضت الرضوخ لطلبه فربطنى فى السرير وعاشرنى بقوة “.
تلمع عين الزوجة الثلاثينية فى مشهد يشى باقتراب سقوط دمعة وتضم رضيعها إلى حضنها وهى تقول:” لم أجرؤ على التفوه لأهلى بكلمة واحدة عما جرى لى على يد زوجى، لأننى أعلم جيدا ماذا سيقولون: “أهى جوازة أحسن من قعدتك جنبا، وإحنا مصدقنا نخلص منك ومن ابنك”، فأثرت أن أخفى مصيبتى فى نفسى، وحدثتها بأن يكفيها بيت مستقل تستظل بجدرانه مع الصغير، ويسترنى بعيدا عن أسرتى التى تنفست الصعداء لأنها تخلصت منى أخيرا، لكننى اكتشفت أننى جنيت عليه عندما قبلت بالبقاء مع هذا الرجل، فقد بات يعذبه ويلقنه الركلات واللكمات على أتفه سبب، دون رحمة أو اعتبار لصغر سنه وضعفه، أما أنا فتولت “ضرتى” وأولادها مهام ضربى وأهانتى، بينما تفرغ هو لاستقطاب الساقطات إلى سريرى لينفذن له طلباته المحرمة، ومع ذلك صمت وتحملت، فالطلاق للمرة الثانية مر والناس لا ترحم”.
تنهمر دموع المرأة الثلاثينية وتتعالى صرخات وليدها وكأنه يشاركها آلام قلبها وهى تختتم حديثها عن مأساتها:” لكن ما لم أتحمله أو أقدر على تجاهله هو اعتراف شقيقتى المعاقة ذهنيا لى باغتصاب زوجى لها أثناء تواجدها بمفردها فى البيت، فلطالما كنت أرى لمساته ونظراته المريبة لجسدها كلما زرنا بيت أبى، لكن كنت أكذب نفسى دوما، فلم أتخيل أن يفعل ذلك بها، استغل إعاقتها سامحه الله، وظن أنها لن تكشفه، وحتى إن تحدثت لن يصدقها أحد، لكنى أصدقها لأنى أعرف هذا الرجل جيدا، وحسبما روت لنا المسكينة بعد حدوث الواقعة بشهرين، بأنه كتم أنفاسها وهددها وفعل فعلته ثم فر هاربا، وقالت إنها خشيت أن تصرح بما حدث لها، حينها أدركت لما كانت تغلق باب غرفتها عليها؟، ولماذا كانت ترفض الحديث معى وتهرب فور رؤيتى؟..حاولنا توثيق آثار الاعتداء الجنسى عليها لكن آثاره كانت قد زالت، إضافة إلى خوف أهلى من الفضيحة كان سببا فى ضياع حق وشرف البائسة، وعلى الفور لجأت للمحكمة لأرفع دعوى طلاق للضرر أتخلص بها من هذا الزوج، ونفقة لى وللصغير، ولازلت أنتظر حكم الخلاص”.