كتب – رضا أحمد
حصدت وزارة المالية العديد من الإنجازات خلال عام 2021، وذلك فى مختلف القطاعات من خلال إرساء دعائم التحول الرقمى سواء في تحديث منظومتى الضرائب والجمارك على نحو متكامل وإعداد وتنفيذ ورقابة الموازنة العامة للدولة، وأيضا الدفع والتحصيل غير النقدي، بما يسهم في تعظيم جهود ميكنة الاقتصاد، وتعزيز حوكمة منظومة الإيرادات والمصروفات.
بالنسبة لمشروعات رقمنة الضرائب والجمارك
أكد الدكتور محمد معيط وزير المالية أن مشروع رقمنة الضرائب والجمارك فتح مجالاً واسعاً للاستثمارات القطاع الخاص في قطاع تكنولوجيا المعلومات حتى أصبحت نموذجاً ناجحا للشراكة مع القطاع الخاص، حيث يتم تنفيذ المشروع القومي لتحديث وميكنة المنظومتين الضريبية والجمركية بمختلف روافده، وذلك بالتعاون مع كبرى الشركات العالمية العاملة في مصر، لتوطين الخبرات الدولية، وأحدث النظم التكنولوجية.
وأشار معيط إلى أن مصر كانت من أوائل الدول بأفريقيا والشرق الأوسط في تنفيذ منظومة “الفاتورة الإلكترونية”، وهو ما دفع إلى استكمال مسيرة رقمنة الاقتصاد بالمضي في تنفيذ منظومة “الإيصال الإلكتروني”، وذلك بعد نجاح تنفيذ منظومة “الإقرارات الإلكترونية”، ثم منظومة “الإجراءات الضريبية الموحدة المميكنة”، وأيضا ميكنة المنظومة الجمركية بالكامل.
وشهدت منظومة الإقرارات الإلكترونية لضريبة الدخل خلال عام 2021، زيادة بنسبة 11% مقارنة بعام 2020، كما تضاعفت أعداد المسجلين بمنظومة الإقرارات الإلكترونية للقيمة المضافة مقارنة مع يونيو 2018، وارتفعت أعداد مقدمي إقرارات القيمة المضافة بنسبة 54% مقارنة مع يونيو 2018، بينما شهدت حصيلة إقرارات الضريبة المضافة زيادة بنسبة 27% في العام المالي الماضي مقارنة بالعام المالي 2019/ 2020، وارتفعت أيضاً حصيلة إقرارات القيمة المضافة خلال الأربع شهور الأولى من العام المالي الحالي بنحو 19.7%.
بالنسبة لمصلحة الضرائب العقارية
تستمر المصلحة في تقديم الخدمات المميكنة للمواطنين من خلال المشروع القومي لتحديث وميكنة منظومة “إدارة الضرائب العقارية”، حيث يتم حالياً السماح بسداد الضريبة العقارية المستحقة بمنفذ بمصلحة الضرائب العقارية بالخزانة العامة، إلى جانب توفير العديد من المنافذ بالأندية الرياضية وماكينات للتحصيل ببعض القرى السياحية، مع السماح أيضا بالسداد في مأموريات الضرائب العقارية التي يقع في دائراتها العقارات من خلال طرق التحصيل الإلكتروني المقررة على قسطين متساويين.
بالنسبة للمنظومة الجمركية
شهدت تقدماً كبيراً وذلك في عمليات التطوير والميكنة، حيث يرتكز ذلك على تحديث البنية التشريعية بإصدار قانون الجمارك الجديد الذي يسهم في التوظيف الأمثل للتكنولوجيا المتطورة وتوطين التجارب الدولية المتميزة في تطبيق منظومة “النافذة الواحدة”، كما تم ربط كل المنافذ الجمركية إلكترونيا بمنصة “نافذة”، على النحو الذي يسهم في الانتقال من بيئة العمل الورقية إلى الرقمية وتعزيز تحسين تصنيف مصر في 3 مؤشرات دولية مهمة وهي (التنافسية العالمية، وممارسة الأعمال، وبيئة الاقتصاد الكلي)، كما تم أيضا إنفاق نحو 5 مليارات جنيه لتطوير المنظومة الجمركية، وإنشاء المراكز اللوجستية والتجهيزات اللازمة للتشغيل بالمنافذ الجمركية، بما يسهم في ميكنة المنظومة والتعامل عبر المنصة الإلكترونية الموحدة “نافذة”، مما يساعد ذلك في تسهيل إجراءات التجارة عبر الحدود، وتسهيل حركة التجارة الدولية وأيضا يسهم في الحفاظ على استقرار الصناعة الوطنية ودعم الاستثمار، ونقل التجارة المصرية للعالمية.
وأشار الوزير إلى أن التجربة المصرية في تنفيذ منظومة التسجيل المسبق للشحنات بالموانئ البحرية “ACI”، ستكون نموذجاً للعديد من دول العالم، حيث صدر التكليف الرئاسي في أغسطس 2020، وبدأ التشغيل التجريبي في أبريل 2021، والتطبيق الإلزامي أكتوبر 2021، في حين أعلن الاتحاد الأوروبي تطبيق مثل هذه المنظومة في 2024، لافتاً إلى أنه لا يتم السماح بدخول أي بضائع يتم شحنها من الخارج إلى الموانئ البحرية المصرية إلا عبر نظام “ACI”، ومن التخلص نهائياً من ظاهرة البضائع المهملة والراكدة، والمستورد “الكاحول” مجهول الهوية، ومن المستهدف تطبيق منظومة “GFMIS” على الهيئات الاقتصادية بشكل تجريبي خلال الفترة من مارس 2022 حتى نهاية يونيو المقبل، وذلك تمهيداً لتطبيقها بموازنة العام المالي المقبل لربط كل أجهزة الحكومة إلكترونيا، بما يسهم في خلق نظام قوي لإدارة المالية العامة من خلال دمج وضبط وحوسبة كل العمليات المالية الحكومية، بدءاً من إعداد الموازنة وتنفيذها ورقابتها، بما يساعد على تحقيق الانضباط المالي، واستخدام موارد الدولة بكفاءة وفاعلية.
وأشاد وزير المالية إلى أن 82% من الجهات الموازنية و69% من الهيئات الاقتصادية التزمت بتقديم موازناتها للعام المالي الحالي، مشيراً إلى تحقيق أعلى مستوى من الشفافية والإفصاح في إعداد وتنفيذ ورقابة الموازنة، وترسيخ مفاهيم المحاسبة والمساءلة، وإعداد أطر موازنية لضمان التخطيط المالي الجيد، ووضع رؤية مستقبلية للأداء المالي بالجهات الإدارية، كما يتم متابعة التنفيذ الفعلي لموازنة “البرامج والأداء” للوزارات والهيئات كل ثلاثة أشهر، لقياس أداء نتائج تنفيذ هذه البرامج والمشروعات، والوقوف على ما تم إنجازه، بما يمنح الدولة قدراً من المرونة في مواجهة الأزمات، ويحقق الاستخدام الأمثل لموارد الدولة بكفاءة وفاعلية، ويضمن تحقيق أهداف خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والأهداف الإستراتيجية للدولة.
وأظهر تقرير “التحدي والإنجاز” لعام 2021 حول أداء الاقتصاد المصري خلال ال7 سنوات الماضية، أن معدلات الأداء الاقتصادي أبهرت مؤسسات التمويل والتصنيف الدولية مقارنة بعام 2014، حيث أن نتائج المؤشرات فاقت التوقعات وتجاوزت المستهدفات، كما سجل منذ الأزمة المالية العالمية أعلى معدل نمو بنسبة 5.6% في العام المالي 2018/ 2019 مقارنة بنحو 4.4% خلال عام 2013/ 2014، وقد حققت مصر ثاني أكبر معدل نمو اقتصادي في العالم بنسبة 3.6% خلال العام المالي 2019/ 2020 الذي شهد بدء “الجائحة” بتداعياتها وآثارها السلبية، وفقا لصندوق النقد الدولي.
وجاءت بحسب “بلومبرج”، ضمن الاقتصادات العشرة الأسرع نمواً في العالم خلال عام 2020، واحتلت وفقا “للإيكونومست” المرتبة الثانية عالمياً في معدل النمو بعد الصين في الربع الأخير من العام المالي2019/2018، وتوقعت مؤسسة “هارفرد للتنمية الدولية” نمو الاقتصاد المصري سنوياً بمتوسط 6.8% حتى عام 2027، وذلك انعكاساً لتنوع وتطور القدرات الإنتاجية لمصر، ورفع البنك الدولي في أحدث تقاريره بتوقعاته لمعدل النمو من 3.3% للعام المالي 2020 /2021، وذلك إلى 5% في العام المالي الحالي.
واستطاعت مصر تسجيل ثاني أكبر فائض أولي في العالم بنسبة 2% من الناتج المحلي خلال العام المالي 2018/ 2019، مقارنة بعجز أولي 3.5% في العام المالي 2013 /2014، واستمرت في تحقيق فائض أولي رغم الجائحة بنسبة 1.8% خلال العام المالي 2020/2019، وتراجع عجز الموازنة من 12% في العام المالي 2014/2013 إلى 7.4% خلال العام المالي 2020/ 2021، وانخفاض معدل البطالة من 13.3% خلال العام المالي 2014/ 2015 إلى أدنى مستوى عند 7.2% بنهاية ديسمبر 2020، وتراجع معدلات التضخم من 22% عام 2017 إلى 4.5% في مارس 2021.
وأوضح التقرير أن مصر من أفضل الدول في خفض معدل الدين للناتج المحلي بنسبة 20% خلال ثلاث سنوات رغم الجائحة، حيث تراجع معدل الدين من 108% في العام 2016/ 2017 إلى 87.5% بنهاية العام المالي 2019/ 2020، و كشف أيضا أن نسبة الدين للناتج المحلي لمصر شهدت زيادة طفيفة رغم السياسات التنموية التوسعية غير المسبوقة التي تتبناها مصر، حيث بلغ معدل الدين نحو 91% بنهاية العام المالي 2020/ 2021، وهو معدل يقل عن المسجل لبعض الدول الأوروبية، ولكن انتعاش النمو الاقتصادي عام 2021 يسمح بإعادة الديون إلى مسار هبوطي.
وجاءت مصر ثالث أفضل إقتصاد بالمنطقة العربية، وأنها “النقطة المضيئة” بأفريقيا، بحسب البنك الدولي، وذلك بعد ارتفاع الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 11% خلال العام المالي 2019/ 2020 مقارنة بالعام المالي 2018/ 2019، فضلاً عن تحسن ترتيب مصر في تقرير “سهولة ممارسة الأعمال” الصادر عن البنك الدولي بنحو 14 مركزاً خلال العامين الماضيين.
ويعد انضمام مصر مؤخراً إلى مؤسسة “جي. بي. مورجان” للسندات الحكومية بالأسواق الناشئة، اعتباراً من نهاية يناير المقبل، بمثابة شهادة ثقة جديدة من المستثمرين الأجانب في صلابة الاقتصاد المصري، بما يعكس جهود وزارة المالية في خفض تكلفة الدين كجزء من حزمة الإجراءات التي تتخذها الدولة للإصلاحات الاقتصادية، كما سيتم ضخ مليار دولار استثمارات إضافية جديدة داخل سوق الأوراق المالية الحكومية من أذون وسندات، خاصة أن 90% من المستثمرين الأجانب الذي شملهم استطلاع الرأي أيدوا دخول مصر مؤشر “جي. بي. مورجان” لتصبح واحدة من دولتين فقط بالشرق الأوسط وأفريقيا في هذا الشأن.
وتمضي مصر بقوة في مسيرة التحول إلى الاقتصاد الرقمي بمختلف قطاعات الدولة، باعتباره أداة رئيسية لتبسيط الإجراءات وتعزيز حوكمة عمل منظومة الإدارة المالية للدولة؛ لتشهد انطلاقة قوية خلال المرحلة المقبلة بالتزامن مع الانتقال للعاصمة الإدارية، بمراعاة استدامة تنمية قدرات العاملين لتلبية متطلبات التحول الرقمي.