إننا بصدد الحديث عن عالم رباني كانت حياتةجهادًا متصلاً وإحساسًا بالمسئولية التي يحملها على عاتقه،عرف عنه الورع والتقوي والتواضع وكانت له كرامات وبصمات إصلاحية واضحة. ولد الدكتور عبد الحليم محمود في 12من مايو 1910م بقرية السلام مركز بلبيس بمحافظة الشرقية،نشأ في أسرة كريمة مشهورة بالصلاح والتقوى،وكان أبوه ممن تعلم بالأزهر لكنه لم يكمل دراسته فيه،حفظ القرآن الكريم ثم التحق بالأزهر سنة 1923م وحصل على العالمية سنة 1932م ثم سافر إلى فرنسا على نفقته الخاصة لإستكمال تعليمه العالي حيث حصل على الدكتوراه في الفلسفة الإسلامية عن الحارث المحاسبي سنة 1940م . – مسيرته العملية: وبعد عودته عمل مدرسا لعلم النفس بكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر ثم عميدا لكلية أصول الدين سنة 1964م،ثم عضوا وأمينا عاما لمجمع البحوث الإسلامية فنهض به وأعاد تنظيمه،ثم عين وكيلا للأزهر ثم تولى وزارة الأوقاف،وصدر قرارٌ بتعيينه شيخًا للأزهر في27 من مارس 1973م). – مواقف ترأثية من حياة العالم المجاهد: وما كاد الشيخ يمارس أعباء منصبه كشيخ للأزهر وينهض بدوره على خير وجه حتى بوغت بصدور قرار جديد من الرئيس أنور السادات في 7 يوليو 1974م يكاد يجرد شيخ الأزهر مما تبقى له من اختصاصات ويمنحها لوزير الأوقاف والأزهر، وما كان من الشيخ إلا أن قدم استقالته لرئيس الجمهورية على الفور،معتبرا أن هذا القرار يقلل من قدر المنصب الجليل ويعوقه عن أداء رسالته الروحية في مصر والعالم العربى والإسلامي،وقد تدخل الحكماء لإثنائه عن قراره لكن الشيخ أصر عليها وامتنع عن الذهاب إلى مكتبه ،ورفض الحصول على راتبه وطلب تسوية معاشه،وأحدثت هذه الاستقالة صدي في مصر وسائر أنحاء العالم الإسلامي،وإزاء هذا الموقف الملتهب إضطرالسادات إلى معاودة النظر في قراره ودراسة المشكلة من جديد،وأصدر قرارًا أعاد فيه الأمر إلى نصابه جاء فيه ” شيخ الأزهر هو الإمام الأكبر وصاحب الرأى في كل ما يتصل بالشئون الدينية والمشتغلين بالقرآن وعلوم الإسلام، وله الرياسة والتوجيه في كل ما يتصل بالدراسات الإسلامية والعربية في الأزهر ،كما تضمن القرار أن يعامل شيخ الأزهر معاملة الوزير من حيث المرتب والمعاش، ويكون ترتيبه في الأسبقية قبل الوزراء مباشرة،وإنتهت الأزمة وعاد الشيخ إلى منصبه ليواصل جهاده ومحاولات إصلاح الأزهر. مواقف تاريخية…وكرامات الأولياء: لقد رأى الدكتور عبدالحليم محمودرسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام يعبر ومعه علماء المسلمين وقواتنا المسلحة،فاستبشر الإمام عبدالحليم محمود خيرا وإستبشر بالنصر وأخبر الرئيس السادات رحمه الله، واقترح عليه أن يأخذ قرار الحرب وسينتصر، لأنه رأى الرسول صلى الله عليه وسلم يعبر ومعه قواتنا وعلماؤنا، فكانت بحق بشارة النصر لهذا اليوم العظيم. وكان العارف بالله الدكتور عبد الحليم محمود مهتماً بإسهام الأزهريين في معركة العاشر من رمضان وقد إستعان في هذا الصدد بأساتذة جامعة الأزهر ورجال الدعوة لتعبئة الروح المعنوية لأبناء قواتنا المسلحة . أشهرمؤلفاته: لقد ترك الدكتورعبدالحليم محمود تراثا فكريا منه: السيدأحمدالبدوي رضي الله عنه( 675 هـ )،أبو البركات سيدي أحمد ،شيخ الشيوخ أبومدين الغوث،العارف بالله أبو الأنوار شمس الدين الحفني،سلطان العارفين أبويزيدالبسطامي،أستاذ السائرين الحارث بن أسدالمحاسبي،الفضيل بن عياض،الأسلام والعقل،لطائف المنن لإبن عطاء السكندري تحقيق الدكتور عبدالحليم،القرآن والنبي،فأذكروني أذكركم. وفاته: توفي بعد عودته من رحلة الحج وذلك يوم الثلاثاء الموافق 17 من أكتوبر 1978م ،حيث ماتت زوجته قبل وفاته بسبعة شهور،وكان قد تبرع بكل مايملك،وقد تلقت الأمة الإسلاميةنبأ وفاته بالحزن والأسي وصلي علي ألوف المسلمين الذين إحتشدوا بالجامع الأزهرلينعوه،وقد رحل عنا تاركا تراثا فكريا زاخرا مازال ينتفع به المسلمين حتي الأن