كتب : بشير حافظ
يعد الفنان الراحل عبد الحيم حافظ رمزًا من رموز الفن المصرى والعربى، وقد قدم عشرات الأغانى التى تنوعت بين الرومانسية والوطنية وغيرها من الألوان الغنائية ، بالإضافة إلى تقديمه 16 عملًا سينمائيًا.
ورغم مرور 44 عام على رحيل عبد الحليم حافظ، لم تتوقف مقبرته عن إستقبال عاشقيه من كافة أنحاء العالم، أعداد كبيرة تتوافد على مصر من الخليج للمحيط حتى يلقوا نظرة على مقبرته فى ذكرى وفاته.
” عيون الشرقية الآن ” إلتقت أحد أهالي قرية الحلوات التابعة لمركز الإبراهيمية وهو الحاج عبد العزيز الغمري ، والذي قال إنه فى ليلة من الليالى عقب الصلاة إلتقى المطرب عبد الحليم حافظ وهو لا يعرفه شخصياً، حيث إن العندليب حضر فى المساء والقرية كانت مظلمة لم يدخلها الإنارة بعد، وكان العندليب يرتدى كوفيه وغطاء للرأس، حيث كنا فى فصل الشتاء، وطلب منى أن أجمع له منازل الفقراء فى ليلة عيد الأضحى فى إحدى السنوات، وأرافقه فى زيارة لكل منازل الفقراء، وكان يعطى لهم ما يستطيع، حيث زار 45 منزلاً وقدم لهم الهدايا والدعم لهم ليلة العيد.
وأوضح ” الغمري ” أن العندليب الأسمر عزمه على مشروب القهوة فى منزله، وطلب تقديم عيديات لأطفاله بمبلغ 20 جنيها، وعذا كان يعتبر مبلغ كبير فى هذا التوقيت ، ولم أره بعدها حتى أحضر ماكينة النور للقرية بالكامل على نفقته الخاصة، وحضر إفتتاح الإنارة بالقرية رئيس الوزراء على صبرى الذى رافق عبد الحليم حافظ فى حفل كبير بالقرية وقتها، وبعدها لم يره ثانية، وتوجهت لحضور جنازته فور علمى بوفاته”، مؤكدا أنه كان خيّرا لأهله وأهل البلد وقريته الحلوات.
فيما أكد محمد مجدي ، أن الورثة قاموا ببيع بيت العندليب بـ45 ألف جنيه ، و قبل وفاة الحاجة علية على شبانة الشقيقة الكبرى للعندليب.
وأكد محمد مجدي أحد أهالي الحلوات ، أن العندليب تبرع للقرية ببناء مسجد ووحدة صحية، مؤكداً أنه إشترى مكنة توليد كهرباء للقرية، لتصبح أول قرية بالمحافظة يتم إدخال فيها الكهرباء، وكان يأتى إلى القرية وقت زيارتها، ويجلس معهم، ويتناقش معهم فى أمورهم الشخصية، مؤكداً أن شقيقته كانت تحى ذكراه فى القرية حتى وفاتها، وكان يتم إقامة حفل كبير فى مركز شباب القرية ويحضره عدد من الفنانين، وبعدها وفاتها توقفت الإحتفالات ونتمنى من وزارة الثقافة إعادتها مرة ثانية لكى يعى الجيل الجديد من القرية التاريخ الحافل للعندليب الأسمر .
وأشار عمر أمين أحد أهالي القرية ، أن تبرعات وحفلات العندليب خصص عائدها لصالح إنشاء جامعة الزقازيق، وكذلك أدخل المياه والكهرباء لقرية الحلوات على نفقته الخاصة، بالإضافة لبناء وحدة صحية لعلاج الأمراض المستوطنة والبلهارسيا ومشاكل الكبد والجهاز الهضمي، وايضًا أسس معهد أزهري في الحلوات ، وبنى مسجد الفتح بمدينة الزقازيق، ومسجدين الفردوس والمشايخ بقريته على نفقته الخاصة، وتكفل بمصروفات الطلاب الراغبين في الالتحاق بالتعليم الجامعي، ورعي الأرامل والايتام، وهذا ما جعل شباب قريته ينظمون حملة تطوعية تحت مسمى ” أكرموهم” ، وأنشأو تمثالًا بمدخل القرية وألواح من الرخام تحمل أعماله الفنية والخيرية وأوسمته وأشهر أغانيه الوطنية.
وولد الفنان عبد الحليم حافظ في 21 يونيو 1929 في قرية الحلوات بمحافظة الشرقية وهو الإبن الأصغر بين أربعة إخوة هم إسماعيل ومحمد وعلية، وتوفيت والدته بعد ولادته بـ6 أيام وقبل أن يتم عامه الأول توفي والده، وفي سن 7 سنوات ترك القرية، وأخذه خاله أحد موظفي بنك التسليف الزراعى وتدرج دراسياً حتى إلتحق بمعهد الموسيقى العربية قسم التلحين عام 1943، وبعد تخرجه، عمل 4 سنوات مدرساً للموسيقى بطنطا ثم الزقازيق وأخيراً بالقاهرة، وبعدها قدم إستقالته من التدريس وإلتحق بفرقة الإذاعة الموسيقية عازفاً على آلة الأوبوا عام 1950، لينطلق بعدها مقدماً أكثر من 230 أغنية بالإضافة إلي العديد من الأفلام السينمائية، والأغاني الوطنية والدينية.
وتوفي العندليب الأسمر يوم الأربعاء في 30 مارس 1977 في لندن عن عمر يناهز الثمانية والأربعين عاماً والسبب الأساسي في وفاته هو الدم الملوث الذي نقل إليه حاملاً معه إلتهاب كبدي فيروسي فيروس سى الذي تعذر علاجه مع وجود تليف في الكبد ناتج عن إصابته بداء البلهارسيا منذ الصغر، ليصبح إنسانًا تفتح ملف ذكراه كل عام بما قدمه، لأهل قريته الحلوات ومحافظته الشرقية .