أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسي، الأربعاء، قراراً بتعيين طارق عامر محافظاً للبنك المركزي، بعد استقالة هشام رامز الذي تنتهي فترته في 26 نوفمبر المقبل. تدخل حكومة المهندس شريف إسماعيل، اختبارًا صعبًا للخروج من الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد. وتحاصر المشاكل حكومة إسماعيل، من تراجع الاحتياطات النقدية، بالتزامن مع تدخل البنك المركزى، للمرة الثالثة منذ بداية العام الجارى، في تخفيض سعر صرف الجنيه ١٠ قروش، ليصل سعر صرف بيع الدولار للجمهور في البنوك إلى 8.03 جنيه. وحاول رامز الحفاظ على سعر الجنية مقابل الدولار، بفرض قيود على إصدار خطابات الضمان للشركات، ووضع سقف للسحب بالعملة الأجنبية، الأمر الذي أثر على احتياط البلاد من النقد الأجنبي، الذي انخفض إلى 15.9 مليار دولار بنهاية سبتمبر الماضي. وتحاول الحكومة اتخاذ إجراءات في محاولة للتعافي الاقتصادي، من بينها الدخول في مفاوضات مع البنك الدولي للحصول على قرض من أجل دعم الموازنة. خلافات بين رامز والحكومة علمت أن اجتماعًا حكوميًا رسميًا عُقد مؤخرًا، شهد خلافًا بين أعضاء المجموعة الاقتصادية الوزارية وبين هشام رامز، محافظ البنك المركزي، على خلفية تصاعد أزمة ندرة النقد الأجنبي، والإجراءات والقرارات الأخيرة لـ«رامز» حيال سوق الصرف، وخفض سعر الجنيه مقابل الدولار. وقالت مصادر حكومية مطلعة، طلبت عدم ذكر أسمائها، إن رامز انفعل خلال حديثه في الاجتماع، وطلب دعم الحكومة في مواجهة تجار العملة والتهريب للنقد الأجنبي وعودة السوق السوداء، كما طلب زيادة الجمارك على بعض السلع التي تمثل ضغطًا على الدولار بالجهاز المصرفي. وأضافت المصادر أن الصراعات تدور بين رامز وهاني قدري دميان، وزير المالية، وأن رئيس مجلس الوزراء لا يدير أزمات الاقتصاد الراهنة، ويترك إدارة ملف السياسة المالية والضريبية لـ«دميان منفردًا، والنقدية لـ«رامز». الحكومة.. الحل في الاقتراض وقال وزير المالية هاني قدري دميان، إن مصر ستحصل على قرض حجمه 3 مليارات دولار من البنك الدولي على مدى ثلاث سنوات من أجل دعم الموازنة العامة. من جانبها، قالت الدكتورة سحر نصر، وزيرة التعاون الدولي، إن الحكومة ناقشت برنامج الإصلاح الاقتصادى لخلق فرص العمل للشباب والبحث عن طرق للتمويل، من ضمنها التعاون مع الهيئات الدولية، والتواصل مع البنك الدولى للحصول على مساهمة خاصة بقرض ميسر بسعر فائدة أقل من ٢%، مع فترة سماح ٥ سنوات، على مدار ٣٥ سنة. وأضافت، في مؤتمر صحفى بمجلس الوزراء، الخميس: «عدد من الجهات الدولية تعرض دعمنا، ومازلنا في مرحلة التفاوض، ولا يوجد رقم محدد للاقتراض من البنك الدولى أو البنك الأفريقى، ومحفظة مصر تبلغ ٥.٥ مليار دولار، ويتم التفاوض على قرض في حدود هذه المحفظة». مراقبون اعتبروا أن الاقتصاد المصري دخل في مرحلة «الخطر»، بعد فشل المؤتمر الاقتصادي الذي سخرت له الدولة كل إمكانياتها في إخراجه من مرحلة الانكماش التي يمرّ بها منذ 4 سنوات. خبراء.. «المركزي» يسير في الطريق الصحيح عمرو عادلي،الباحث في الاقتصاد السياسي بمركز كارنيجي للشرق الأوسط، قال إن الأزمة مستمرة منذ عام 2011، فالدولة لم تستطع الحفاظ على احتياطي النقد الأجنبي، لأن الموارد الموردة لم تتعاف حتى الآن. وأضاف «عادلي»، لـ«المصري اليوم»: «الوضع السياسي الداخلي، استقر منذ 6 أشهر، لكن تباطئ النمو العالمي، وانخفاض أسعار النفط أثر بشكل كبير على تدفقات النقد الأجنبي إلى مصر، لأن 40% من الصادرات تقريبًا زيت خام، وهو ما أثر أيضًا على الاستثمارات في قطاع الطاقة»، مشيرًا إلى أن الصادرات الغير بترولية تأثرت، لأن الشريك الأول هو دول الاتحاد الأوربي، وهناك ركود في المنطقة الأوربية، وبالتالي أثر على الصادرات. وتابع: «منذ ديسمبر 2012 عندما وصل الاحتياطي النقدي إلى 15 مليار دولار، وأشكال العجز في ميزان المدفوعات حتى الآن يتم حله من خلال مساعدات ومنح من الإمارات والسعودية»، معتبرًا أن «التخلي عن الجنية وتعويمه في ظل احتياطي أجنبي قليل كارثة». كانت دول الإمارات والسعودية والبحرين والكويت منحت مصر مساعدات مالية ضخمة منذ الإطاحة بالرئيس الإخواني محمد مرسي في الثالث من يوليو 2013. وتطرق «عادلي» للحديث عن سياسات البنك المركزي، وقال: «البنك المركزي واخد خط ضد وزارة الاستثمار والحكومة، وهو يسير في الطريق الصحيح بسياسته الحالية، والاستمرار في القيود على الدولار بالبنوك، ووضع حد أقصي للسحب وخطابات الضمان، لأنه إذا فكّ القيود، من الممكن هروب أموال كبيرة للخارج، وهنا ستحدث كارثة ضخمة». بدوره، اقترح الخبير الاقتصادي، فخري الفقي، على الحكومة بيع أراضي للمصريين المغتربين بالخارج لضخ المزيد من الدولار في السوق المصري. وأوضح أن الاقتصاد المصري يمر بفترة حرجة، والحزم الخليجية ساهمت في دعمه، محذرًا أن ينابيع التمويل تجف، مؤكدًا أن الدعم الخليجي لمصر سيتأثر بانخفاض سعر النفط. إشكالية أخرى يعتبرها البعض سبب في الأزمة الاقتصادية التي تمر بها مصر، خاصة في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، وهي علاقة السلطة برجال الأعمال ، إذ يجرى تهميش أصحاب رؤوس المال من المشاركة في صنع القرار. قلق رجال الأعمال يقول رجل الأعمال نجيب ساويرس ، مؤسس حزب «المصريين الأحرار»، لوكالة «رويترز»: «حزبنا له خطة اقتصادية وسيطرحونها من خلال البرلمان وأي حكومة لا تستجيب ستكون محلا للمساءلة في النهاية». كان «ساويرس» قال في وقت سابق، إنه سيضيف مشروعات للبنية التحتية والطاقة إلى أعماله الرئيسية في مجال الاتصالات، لكنه تراجع وأكد أنه لن ينفق الـ 500 مليون دولار التي وعد باستثمارها. ويوضّح: «ما زلنا نحتفظ بنفس السيولة النقدية.. وكما وعدت هذه الأموال لمصر ولن تخرج من مصر، لكني لست من يقبل بهذا التباطؤ»، في إشارة إلى عدم تنفيذ الإصلاحات التي وعد بها السيسي. وقال تامر بدر الدين، رئيس شركة البدر للبلاستيك -وهي شركة تعبئة مقرها في مدينة الإسكندرية الساحلية- للوكالة الأمريكية: «الشعور العام في أوساط رجال الأعمال الآن هو أن الرؤية الاقتصاد لا وجود لها». وقال هشام توفيق، الرئيس السابق لشركة عربية أونلاين للوساطة فيالأوراق المالية: «صنع القرار كله مع الحكومة وقطاع الأعمال بعيدجدًا».