كتبت:تحيةمحمد
قد تلاحظ الأم كثيراً من الأحيان أن طفلها يقص حكايات ليس لها علاقة بالواقع , أو قد تسأله بعض الأسئلة عن أشياء قد فعلها و يجيبها كذباً ، فتعتقد الأم أن طفلها كاذباً ،
و تحتار كثيراً في كيفية عدول طفلها عن تلك الصفة المشينة ، يصعب على الأطفال ما بين 3 – 5 أعوام التفرقة ما بين الحقيقة و الخيال ، لذا قد يقصوا الحكايات التي رأوها في خيالهم الخصب مقتنعين أنها حدثت في الواقع ، فقد يحكي الطفل مثلا أنه تحدث مع الرجل الخارق و شاركه في أحد مغامراته و لا يعد ما يقول كذباً ، فالأطفال لا يعرفون الكذب بالمعنى الذي يعرفه الكبار و لكنهم فقط يعيشون في عالم الخيال .
و قد تسأل طفلك في غضب : ” هل أنت الذي سكبت اللبن على الأرض ؟ ” و انت مدرك تماماً انه هو الفاعل _ فيرد قائلا : ” لا ” فيزداد غضبك و قد تعاقبه عقاباً شديداً على كذبته تلك ، و لكن حقيقة كذبه انه لا يريدك ان تكون غاضباً منه ، أو قد يقول “لا ” متمنياً ألا يكون هو من سكب اللبن ، أو قد يكون نسى أصلا انه الفاعل . و عندما يكبر الطفل قليلا قد يكذب أمام رفاقه ليظهر شخصيته أمامهم مدعياً بأنه يملك مالا يملكونه ، و يذهب إلى أماكن لا يستطيعون الذهاب اليها ، و بالتالي يكون متفوقاً عليهم و ينظرون له بعين الاعجاب .
أيتها الأم تجنبي الأسئلة التي تدفع به الى الكذب، عندما ترين رسومات على الحائط لا تسأليه ” هل فعلت ذلك بالحائط ؟ ” لأنه سيدافع عن نفسه قائلا ” لا ” و ذلك لأنك القيتى عليه بالاتهام غاضبة ، و تنتظرين منه أن يعترف و بالتالي لحماية نفسه من العقاب لا يجد أمامه وسيلة سوى الكذب . يجب عليكي ان تستبدلي ذلك بقولك ” تُرى من فعل ذلك بالحائط ؟ ” ثم توجهين اليه الكلام قائلة : ” اننا نستخدم الأوراق للرسم في هذا المنزل ، فهلا تساعدني في تنظيف الحائط حتى يعود الى سابق عهده ، ثم نتجه معاً بعد ذلك لنرسم على أوراق كراستك الجميلة ؟ ” فتكوني قد اعطيته درساً دون ان تدفعي به الى الكذب . أبداً لا تقولي لطفلك ” انت كاذب ” ، حيث أن مثل تلك الوصمات تقلل من ثقته بنفسه ، و تهدم من شخصيته ، لذا اذا تكرر كذبه على نفس الفعلة ، قولى له في حزم : ” انها المرة الثالثة التى تكذب فيها على مثل هذا الأمر ” .
حاولي ان تفهمى السبب وراء كذب ابنك ، فقد تكون طريقة عقابك شديدة جداً و لا يتحملها الطفل ، و بالتالي يلجأ الى الكذب حتى لا تعاقبيه على فعلته ، لذا يجب ان تكون طريقة العقاب رحيمة غير مبالغة ؛ و يكون الغرض منها التعليم و الارشاد لا الترهيب . حاولي أن تعلمي طفلك أهمية قول الصدق و الابتعاد عن الكذب ، و اسهل الطرق لذلك هي قراءة قصة له تحمل هذا المعنى , و تعد قصة ” الطفل الذي يدعي الغرق ” خير دليل على ذلك ، و احرصى ان تتناقشي معه عما استفاد من القصة على ان يكون ذلك في اطار شيق لا في صورة درس تأديبي .
اتبعى مع طفلك أسلوب الثواب و العقاب ، فاذا قام طفلك بالكذب بالرغم من كل المحادثات السابقة قومي بمنعه من مشاهدة التلفاز لمدة ساعة مثلا ، أو عقاب مشابه لذلك على الا يكون الحرمان من شئ من الضروريات كالأكل و كذلك يفضل ألا يكون العقاب جسدياً لما في ذلك من آثار نفسية و جسمانية على الطفل ، و امتنعي تماماً عن الاهانة اللفظية التى تحرج الطفل أمام من حوله و تقلل من ثقته بنفسه ، و كذلك يجب أن يكون الثواب مجزياً اذا قال الصدق بأن تعطيه مكافأة يحبها ، وكذلك قولي له عبارات مشجعة مثل ” انا فخورة بأن لدى ابن صادق مثلك ” .
كوني قدوة جيدة له ، فلا يجب أن تعطيه دروساً عن أهمية الصدق و الامتناع عن الكذب ثم يراك كاذبة في مواقف آخرى ، فإن ذلك يسبب عدم اتزان في سلوكياته و قد لا يأخذ ارشاداتك على محمل الجد بعد ذلك .